سببان يجب معالجتهما للتخلص من الشعور بالملل في الحياة المهنية

أتلقى كثيراً من رسائل البريد الإلكتروني من أشخاص يشكون أنَّهم يشعرون بالملل من وظيفتهم وأنَّهم لا يحققون أيَّ تقدُّم، وعندما تسأل الآخرين : "كيف حال العمل؟"، يجيبك معظمهم بـ "لا بأس"، ما يعني أنَّهم يشعرون بالملل، وأنَّ أفقهم المهني مسدود ولا يوجد أيُّ تحدٍّ في مسيرتهم المهنية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويشرح لنا فيه أسباب الشعور بالملل في الحياة المهنية وكيفية التخلص من هذه الحالة.

لا تتمثل المُشكلة الكبرى التي يواجهها اقتصاد العالم المُعاصر بالاحتراق الوظيفي؛ بل في الملل الذي يمنع الموظف من بذل كلِّ طاقته في العمل للدرجة التي يُصاب بعدها بالإرهاق، كما أصبح الناس أكثر عرضةً للإصابة بأزمات عاطفية؛ لأنَّهم يشعرون بالملل الشديد، وإذا كانت هذه الحالة تنطبق عليك فعليك أن تأخذ ما يأتي بالحسبان:

  1. انعدام الرغبة في البدء بالعمل في اليوم التالي قبل الخلود إلى النوم.
  2. الشعور بالسعادة عندما ينتهي يوم العمل.
  3. تعمل على مهامك بلا وعي واهتمام بها.
  4. تفتقر للمنظور، وتشعر أنَّ ليس لديك مهمة ولا رؤية.

لن أدَّعي أنَّني لا أشعر بفقدان الحافز بين فترة وأخرى، فحتى الناس الذين يحبون عملهم يشعرون بالملل، لكن ما أريد توضيحه أنَّه يوجد أسباب للشعور بالملل في الحياة المهنية، وفي الواقع يوجد سببان رئيسان هما:

1. الشعور بعدم وجود تحديات جديدة في الحياة المهنية:

ربما لا تحب مديرك في العمل، ولا تحب زملاءك، قد لا تعجبك الثقافة التنظيمية، وربما لا تحب المجال الذي تعمل به، وربما سئمت من التغيُّرات المستمرة، فمهما حاولت إجراء تغييرات فإنَّ ذلك لا يُجدي نفعاً؛ لذلك تُصاب بخيبة الأمل؛ ومن ثمَّ تستسلم.

عندما تؤدي عملك دون دافع فسوف تُصاب بالملل، وهذا ما يحدث عندما نشعر بالعجز عن إجراء أيِّ تغيير؛ تُسمى هذه الحالة علمياً بالعجز المكتسب؛ وهي حالة نفسية يتقبَّل فيها الكائن الحي محفزات مؤلمة دون أيِّ محاولة لإجراء تغيير.

لا يوجد ما هو مؤلم أكثر من وظيفة رتيبة في هذا العصر الذي ننعم فيه جميعاً بالأمان؛ فأنت تقضي معظم ساعات استيقاظك في العمل؛ لذلك فإنَّ العمل في وظيفة لا تثير لديك أيَّ دافع نفسي لتطوير الذات هو شيء مؤلم للغاية.

قد تقول لنفسك: "ماذا عساي أن أفعل؟ فأنا لا أستطيع أن أغيِّر شيئاً"، لكن في الواقع هذه الأفكار ناتجة عن حالة العجز المكتسب.

ما يحدث هو أنَّك عندما تتوقف عن تحدي نفسك، تتوقف عن تطوير ذاتك؛ ومن ثَمَّ لا تتمكن من تعلُّم المزيد؛ الأمر بهذه البساطة، ولا يقع في هذه الحالة من الملل الأشخاص الذين يكرهون عملهم فقط؛ فمعظم الأشخاص المتقنين لعملهم أيضاً يشعرون بالملل وعدم القدرة على تطوير أنفسهم، وحتى تتجنب الوقوع في هذه الحالة طبّق النصائح الآتية:

  1. أعد النظر في وظيفتك باستمرار.
  2. قم بمهام مختلفة خارج نطاق مسؤولياتك الوظيفية.
  3. استمر بتعلُّم مزيد عن وظيفتك.
  4. ضع أهدافاً جديدة.

شاهد بالفيديو: 6 طرق للحفاظ على الحماس وإثارة إلهام الآخرين في العمل

2. عدم امتلاك رؤية واضحة:

قام رجل يُدعى رالف ليفشيتز (Ralph Lifshitz) في عام 1968 بتأسيس شركة أزياء جديدة، كان لدى ليفشيتز رؤية لإنشاء أزياء مستوحاة من لعبة البولو؛ وهي رياضة ابتُكرت في بلاد فارس (Persia) في الفترة التي تتراوح بين القرن السادس والقرن الأول قبل الميلاد، وهي اليوم رياضة تمارسها الطبقة البرجوازية.

رأى ليفشيتز الذي غيَّر كنيته إلى لورين (Lauren) فرصة لتحويل أسلوب حياة البولو إلى علامة تجارية سماها "بولو باي رالف لورين" (Polo by Ralph Lauren)؛ إذ حققت هذه العلامة التجارية نجاحاً باهراً، واليوم تحقق هذه الشركة إيرادات تبلغ 7.4 مليار دولار، والفضل في هذا النجاح يعود إلى رؤية رالف لورين التي يعبِّر عنها بقوله: "يتمتع القائد بالطاقة المصحوبة بالإيمان بأنَّ الحلم يمكن تحقيقه، إنَّه يستلهم القوة والطاقة لتحقيق أحلامه".

ليس من الضروري أن يكون حلمك هو بناء علامة تجارية؛ بل يمكن أن تطمح فقط لتكون متفوقاً في مجالك، أو ربما تربية أطفالك بأفضل طريقة ممكنة، لكن في جميع الأحوال أنت بحاجة إلى رؤية.

لا يولد الناس مع تصورات ورغبات، لكنَّ العالم الذي نعيش فيه هو نتاج لتصورات ورؤى الناس، لا تعني الرؤية أن يكون لديك هدف خيالي، مثل بناء إمبراطورية تجارية بعد سنة من الآن؛ فهذا بعيد جداً عن الهدف الواقعي؛ بل تعني الرؤية أن يكون لديك توجه واضح عن حياتك أو مهنتك أو عملك.

هذا هو الفرق بين الهدف والرؤية؛ فالهدف محدد، بينما الرؤية أكثر عمومية، على سبيل المثال، تتمثل رؤيتي لحياتي المهنية والتجارية بأن أبقى مستقلاً مالياً وإبداعياً، أمَّا بالنسبة إلى مدونتي، فإنَّ رؤيتي تهدف إلى مساعدة جميع قرَّائي ليعيشوا حياةً ذات مغزى.

إقرأ أيضاً: الروتين الممل للعمل وكيف تتعامل معه

في الختام: إذا كنت تشعر بالملل من عملك فهذا خطؤك وحدك

لنكن واقعيين، ليست حالة الملل التي تشعر بها في عملك إلا خطأك أنت؛ فهي ليست بسبب مديرك أو الوضع الاقتصادي، أو البيئة التي تعيش فيها.

إقرأ أيضاً: 9 طرق لمواجهة الاحتراق الوظيفي

أعلم هذا جيداً، لأنَّني في كلِّ مرة كنت أسأم فيها من عملي كنت أدرك أنَّ هذا خطئي، والسبب ببساطة أنَّني توقفت عن التطور في مسيرتي المهنية، وتخليت عن رؤيتي؛ ومن ثمَّ أصبحت كسولاً، وهذا ما يعزز الشعور بالملل، ويزيد الملل أكثر فأكثر عندما نستسلم، والطريقة الوحيدة للخروج من هذه الحالة هي اتخاذ إجراء نحو التغيير.




مقالات مرتبطة